لو أنني نصحتهم أن يتبعوا شغفهم , سيتعللون بديونهم
و أنهم مهتمون بتفوقهم وظيفيًا
مؤخرًا , تم إجباري على افتراض هوية بديلة
وهذا أمرُ ملائم , فقد انصب جل اهتمامهم على الرواتب التي سيتحصلون عليها
بدءًا من هذا العكاز ,لقد عانيت من جرح في ركبتي
وعلى مدى 10 -15 عامًا الماضية , وجدت نوع من الرفض لفكرة تحكم الشغف في المصير المهني
و في حين ما كنت أستعد للخضوع لعملية جراحية لكي يتسنى لي المشي بصورة طبيعية مجددًا ,
أخبرني جراح العظام المتابع لحالتي , أنني لن أتمكن من الجري مجددًا
ربما يعتقد من لم يعتد على ممارسة الجري , أن ذلك أمر جيد و أنني محظوظة لامتلاكي عذرًا لكي لا أتدرب
لكن , منذ أن بدأت ممارسة الجري بعدما أنهيت دراستي و الأمر يعني لي اكثر من مجرد تمضية للوقت
بل كان يمثل جزءًا من شخصيتي
اعتدت ان أعرف نفسي كعداءة
لذا , أن أتخلى عن هويتي تلك , شكل لي ألمًا أكبر من الجرح الذي أصبت به في ركبتي
مثلي مثل الجميع , لدي العديد من الهويات
أنا امرأة , أم , مواطنة أمريكية , أنتمي بفخر لجزيرة رودس
كما لدي العديد من المسميات الوظيفية في حياتي
مرشدة سياحية , مستشارة مخيمات , معلمة مدرسة -هو الشخص المسؤول عن تنظيم المخيمات و توفير بيئة صحية و ممتعة فيها-
تخرجت كطالبة في علم النفس التطوري
مذيعة اذاعية و مستشارة مهنية
وخلال ممارستي لمهنتي كمستشارة , أدركت مدى قدرة الهويات الشخصية على خلق هويات مهنية
سأتحدث لاحقًا باستفاضة عن ذلك الأمر لكن دعوني أولًا أخبركم أهمية ذلك الأمر
وفقًا لدراسة أجرتها Gallup , فإن 87% من الموظفين في جميع انحاء العالم لا علاقة لهم بوظائفهم
يوجد العديد من الناس يدرسون تلك الظاهرة
ويرجع ذلك لما لها من تأثير جوهري
-الشركات التي يتميز موظفيها بعلاقة وطيدة مع عملهم يتفقون في عملهم على نظائرهم بنسبة 147%-
اعتادت المؤسسات و المستشارين الذين أجروا تلك الدراسة , على البحث عن العوامل الخارجية التي تمنع الناس من التعلق بأعمالهم
أمور مثل طبيعة العمل في المكتب أو تدني الأجور
كمستشارة مهنية , أهتم أكثر بالأسباب الداخلية
مثل سبب اختيار أحدهم لمجال العمل ذلك في المقام الأول
وقد أثبت مجال عملي أن التطور الوظيفي يختلف بمرور الوقت
على مر التاريخ , أجبر الكثير من الناس على ممارسة مهن لم يختاروها
نسير على خطى آبائنا
والمهنة التي سيتعين عليك ممارستها لكسب الرزق , تتوقف على مكانك الجغرافي و جنسك ومكانتك الاجتماعية
بعد الثورة الصناعية الأولى و الثانية , بدأ الناس في الانتقال للعيش في المدن بدلًا من القرى
اتسعت مجالات العمل كثيرًا
و تم انشاء أول مكتب استشاري مهني عام 1908
مكتب مهني موجود في بوسطن , في نهاية الحي الجنوبي
ولقد قام بتقديم مساعدة مجانية للمجتمع المحلي , لمعونتهم على المضي قدمًا في ذلك العالم الجديد
أجروا معهم حوارات موسعة حول خلفياتهم و مهاراتهم و اهتماماتهم , كما دعمتهم بخلفية عن أرباب العمل المحليين
للتوضيح , لم تكن تلك ظاهرة واسعة الانتشار
لكن الجيش بدأ في الاهتمام بما يقدمونه من عمل
لقد أرادوا اكتشاف طريقة لإقحام العمال في وظائف تخدم الأهاف الحربية أثناء الحرب العالمية الأولى و الثانية
و أثناء الحرب العالمية الثانية , تم توظيف أطباء نفسيين , و بدورهم أعدوا اختبارات خصيصًا لخدمة ذلك الهدف
بعض تلك الاختبارات لازالت سارية حتى الآن وقد يكون قد خضع بعضكم لها
ربما أثناء جلسة استشارية في المدارس الثانوية أو يكون أجراها لكم رب عملٍ ما
وبمرور الوقت , بدأت في مجالات الاستشارة المهنية في التسعينات
كنا في خضم الثورة الصناعية الثالثة , فيما يعرف بالعصر الرقمي
وكانت الاختبارات على أشدها
لكن في ذلك الحين , انبثقت احدى النماذج الجديدة
و التي أخذت على عاتقها الاهتمام بما يتعين علينا حقًا الاهتمام به
وهو شغف عملائنا
اعمل فيما تتحمس بشأنه و الذي لا تتخيل حياتك بدونه
أذكر إحدى الجلسات التي أجرتها احدى الرموز الناجحة في مجال عملي , وهي ناشرة ذائعة الصيت
ولقد روت لنا قصة احدى عميلاتها , و التي عانت من وظيفتها شديدة الصعوبة
و السبب أنها لم يكن لديها شغفُ واضح
وفي أحد الأيام طلبت منها المستشارة أن تخبرهاعن أي شيء يجذب اهتمامها
استنكرت المرأة ذلك السؤال ثم أردفت بخجل , "لطالما أثارت الغوريلات اهتمامي"
ابتهجت المستشارة بذلك الانتصار و أخبرتنا أنها ذهبت للعمل في حديقة حيوانات محلية
وهكذا حلت المشكلة ووجدت شغفها
في ذلك الوقت , كنت أعمل مع طلبة في إدارة الأعمال
وعمومًا , لم تثير اهتمامهم الغوريلات
في الواقع , وجدت سرًا يخفيه أغلب طلبة ماجيستير إدارة الأعمال , وهو أنهم جميعًا يكرهون العودة للمدرسة
حيث لم تعجبهم وظائفهم الأولى في الكلية
و كانوا يبحثون عن طريقة مقبولة اجتماعيًا تمكنهم من إيجاد فرصة لبداية جديدة
وتوجد عدة أسباب أدت لذلك
أولها , أن معظم الناس ليس لديهم فكرة واضحة عن شغفهم أصلًا
لكن هناك سبب آخر لهذا الرفض ألا وهو الخوف من الثورة الصناعية الرابعة
فماذا لو لحقنا شغفنا بأحد المجالات ثم حدث واستولى الذكاء الاصطناعي على كافة الوظائف
حتى الذين يتقبلون فكرة وجود مدير روبوت , سيعترفون أنهم لا يعرفون ماهية تلك المهن
بعد مرور 20-10 أو حتى 10 سنوات
كيف إذًا سيتسنى لنا مساعدة الناس على المضي قدمًا في تغيير مهنم في ظل ذلك النظام العالمي الجديد
هناك إطار عملي محتمل انبثق عن تلك المناقشة , مستوحى من مجال التصميم
تتضمن فكرة التصميم ككل , عمل المصممين مع العملاء لكي يعرفونهم بصورة جيدة
ويتفهموا مشاكلهم ومساعدتهم على تحديدها , ويعملون معهم على الأفكار التي تعصف بأذهانهم
و النماذج المبدئية, ومن ثم يبدؤون في وضع الحلول المحتملة
أنصار تطبيق الفكر التصميمي على قرار التغيير الوظيفي,
على الناس الذين يعملون في وقتنا هذا ,التعرض للكثير من التغييرات بالنسبة لمهنهم
قد يكون عليهم تجربة عدة أدوار مختلفة
وأن يتجنبوا ذلك التشبث الصبياني بمجالٍ واحد
تكمن المشكلة في غياب الوعي بالذات عند أغلب الناس , و الذي سيمكنهم من القيام بذلك على أكمل وجه
أغلب الناس لا يأخذون الوقت الكافي لكي يفكروا في طبيعة أنفسهم
قبل ان يتخذوا أي قرار حيال تحديد مصيرهم المهني
اهم ما تعلمناه مؤخرًا من مجالاتٍ مثل الاقتصاد السلوكي و علم النفس ,
هو أننا كبشر , لا نتسم بقدر كبير من العقلانية كما كنا نعتقد
على سبيل المثال , فإننا نميل لاتخاذ قرارات مالية سيئة
كأن ننفق الكثير من المال اليوم بدلًا من توفير بعضٍ منه للاستمتاع بتقاعد مريح
أعتقد أننا لسنا عقلانيين كفاية حيال اتخاذ قرار تغيير الوظيفي
دعوني أضرب لكم مثال , منذ عدة سنوات كنت أعمل مع طالبة في القانون , وذات يوم دخلت مكتبي هي منزعجة للغاية
وكانت قد استلمت لتوها درجات العام
وقد أدركت أن آداؤها كان سيئًا للغاية
و اعتقد أنها ستحرم من الوظائف المربحة
فذلك ضروري ليعينها على تسديد قرضها المدرسي
وعندما كانت تنتحب في مكتبي , اعترفت أنها لم تكن تحب دراسة القانون
وسألتها عن سبب إلتحاقها بهذه الدراسة في المقام الأول
فقالت لي , لأنني لم اكن أريد دراسة الطب
هيئة المحلفين الكرام , أقدم لكم , الاثبات أن معظم الناس لا يأخذون مقراراتهم المهنية بعقلانية
فبدلًا من أن يأتي القرار من داخل المرء , يأتي القرار -ولو حتى لا شعوريًا-استجابة للضغط الخارجي
الذي يتعرضون له من مجتمعهم المحيط , فهم يتأثرون كثيرًا بوالديهم و أقرانهم والمجتمع المحلي
يأخذون في اعتبارهم كل تلك التوجيهات ويميلون لاتباع خطى الآخرين
كما يميلون كذلك لاتباع الرسائل التي يتلقونها من ثقافتهم المحلية
خصوصًا الأمور الشخصية , كالجنس و الدين و الحالة المادية و الاجتماعية
ما سيترتب عليه احد الأمرين , إما تبني أمرٍ ما أو قمعه
خاصةً عندما يتوقع وجود حواجز تحول دون النجاح
لكن دعوني أعترف بوجود من يواجهون حواجز فعلًا تعوق مسيرة نجاحهم
خصوصًا عندما يتعلق الأمر بأمور مثل الجنس , العرق,الدين , الحالة الاقتصادية و الاجتماعية , التوجهات الجنسية
ولذلك , أعتبر ان الوعي بالذات بالغ الأهمية
فهو لا يساعدنا فقط على عدم التأثر داخليًا بتلك النزعات و الضغوطات الناتجة عن ثقافتنا,
لكنها في الوقت نفسه تمنعنا من فرض افتراضات خاطئة عن الأشخاص , في حالة كوننا مسؤولين عن التوظيف
ثمة مفارقة هنا , فنحن كأفراد ,
غالبًا ما نقوم بأخذ تلك الهويات الشخصية في اعتبارنا , ونقرر بناءًا عليها , إما شعوريًا أو لا شعوريًا
ونفعل ذلك عدة مرات خلال حيواتنا , باستمرار كتيار جارف
ولمن يريد منكم الاستزادة , اسمحوا لي بتقديم تلك المعادلة
والذي يوضح أن المسمى الوظيفي هو حصيلة كل هوية تملكها
كلها تؤثر عليك بطرق مختلفة خلال أوقات مختلفة
وغالبًا ما تكون بشكل غير واعٍ
لكنني أعترف , ذلك ليس مقياسي المفضل
أميل لاعتقاد أن الناس كافةً على اختلافهم ,
و كل تلك الهويات جميعًا لا تمثل بمعادلة ,
رواية عميقة لحياة شخصية و مهنية ,
بل أشبه بسيناريو
تحكي لنا قصة ماهيتنا و ترشدنا لاتخاذنا لأهم القرارات
ولذلك , فنحن لن نتمكن أبدًا خلال الثورة الصناعية الرابعة من برمجة الكمبيوتر ليأخذ القرارات عنا
السيناريو شخصي بشكل كبير , لكن علينا أن نتعلم ألا نتبعه حرفيًا
بل علينا ان نفهمه و نختبره
ومثله مثل اي مشروع كتابي , قد يكون فوضوي
هو سيناريو مترابط
أشجعكم على تبني تلك الفوضى
امتلكوا قصتكم الخاصة
ولا تسمحوا لأحد ان يكتبها نيانةً عنكم
اعلم ان ذلك السيناريو لطالما كان فوضويًا
لو كانت إحدى هوياتي , عداءة سابقة , فلدي هوية أخرى وهي أنني خريجة كلية فنون ليبرالية
ولا يمكنني إنهاء ذلك الحوار دون الإقتباس من أحد البيض الراحلين
أقدم لكم ذلك الاقتباس من شيشيرون
" أن تؤكد ذلك طوال الوقت , تلك هي أكبر مشكلة في العالم"
شكرًا جزيلًا