"لنا أُذُنان و فمٌ واحد لنسمع أكثر مما نتكلَّم" زينون من السيتيوم -مدينة قبرصية قديمة-
قبل الميلاد بنحو 300 عام , أسَّسَ زينون المدرسة الفلسفيَّة الرواقيَّة
لقد قام بنشر العديد من الأعمال في الأخلاق , الطبيعة ,المنطق ,وغير ذلك من الأعمال بما فيها أشهر أعماله جمهوريَّة زينون
و التي تبدو شبيهة نوعًا ما بجمهوريَّة أفلاطون
بالرَّغم من أن زينو هو مؤسس الرواقيَّة , وله العديد من الكتب فيها , إلَّا أنه نادرًا ما يستشهد بها في الأدب الرواقيُّ المعاصر
و السبب في ذلك بسيط ، حيث لم يصلنا شيء من أعماله
لكن لحسن الحظ كتب المؤلفون الآخرون عنه
قام ديوجين الكلبي بكتابة سيرة حياته متضمِّنةً شذرات تشي بطريقة تفكيره
هذا الفيديو عبارة عن استعراض مختصر لحياة زينون وفلسفته
فلسفة زينون المفقودة
لسنا متأكدين من نسب زينون الأصليّ فيما عدا أن كانت كنيته "الفينيقي"
كما أن ديوجين وصفه بأنه الرجل الأسمر الهزيل
أهداه والده كتب عن سقراط لدى عودته من أعماله التجارية
وهكذا أصبح زينون مهووسًا بالفلسفة
ثم تتلمذ على يد الفيلسوف الساخر الشهير كريتس من طيبة ،و أيضًا بوليمو و ستيلبو
ثم لاحقًا عمل كمعلّم في ما يُعرف باسم " stoa polikile" أي الرواق ذو الأعمدة -وكان هذا سبب تسمية فلسفته بالرواقية-
كان طلابه في بداية الأمر ينادونه باسم "زينونياس" لكنه لاحقًا صار يعرف باسم "الرواقي"
اهتمام زينو كان منصبًا على الفلسفة الرواقيَّة بكل أطيافها من المنطق , نظريَّة المعرفة ,
وطبيعة الكون الذي كان يعتقد أنه مكوَّن من المادة و تحكمه قوى إلهيّة
وعليه , فإن الإله من وجهة نظره ليس منفصلًا عن الكون , بل هو الكون ذاته
إليكم اقتباس من زينون و الذي احتفظ به الفيلسوف الروماني شيشيرون
"ذلك الذي يستخدم العقل أذكى من ذاك الذي لا يستخدمه
لا يوجد من هو أذكى من الكون ، الكون يستخدم العقل"
تلك جملة قويَّة علينا تأملها
إنها بالتأكيد ترتكز على المعتقد الرواقي بأن الكون يحكمه قوى ذكيَّة أزليّة تسمّى "لوجوس" والتي تسمى أجيانا, بالعقل الكوني أو القدر
أن تعيش حياتك وفقًا للعقل معناه أن تعيشها وفقًا للطبيعة
تلك هي الفكرة الأساسية لما يعرف بحب القدر "amor fatte"
الأخلاق من منظور زينون , متوافقة لمفهومها عند الرواقيين اللاحقين
حيث اعتقدوا أن الفضيلة هي الصلاح الوحيد ، وعكس الفضيلة , الرذيلة
الهدف الأسمى يمثل الوصول لحالة "eudamonia" أي الازدهار البشري
والتي يمكن الوصول إليها عبر السعي لتحقيق الفضيلة , أو كما قال زينون " السعادة هي أن يملأ الصلاح الحياة"
لوصف أكثر تفصيلًا لل"Eudamonia"يمكننا الاطلاع على أعمال ديوجين
و الذي اقتبس عن زينو ما يلي:
"يمكننا أن نُعرّف النهاية على أنها العيش بتناغم مع الطبيعة ،أو بكلماتٍ أخرى
أن نعيش بتناغم مع طبيعتنا البشريّة بالإضافة طبيعة الكون " نهاية الإقتباس
قام زينون أيضًا بالتأسيس لمبدأ الحياديّة
وهي الأشياء الغير مصنفة بكونها صالحة أو سيئة و التي لا تساهم في الحفاظ على الذات ولا تدميرها
حيث رأى الميل البشري للحفاظ على الذات كجزء أصيل من الطبيعة الإنسانية و الذي لا يعد أمرٌ صالح بحد ذاته,
لكن يمكنه التأثير على طريقة تصرّف الإنسان لتحقيقه
وهنا يكمن الفرق بين الرواقيون و الساخرون الذين يرفضون المِلكية وكل ما هو مادي
وفقًا للرواقيّة , للأمور الحيادية قيمة , و يجب أن نسعى لحيازها , بشرط ألّا نتعلق بها باعتبارها أمور ستجعل حياتنا أفضل
بل باعتبارها مساعِدةً لنا على أن نعيش بتناغم مع الطبيعة
الثروة على سبيل المثال , لا تؤدي للفضيلة لكنها تساعد في الحفاظ على الذّات والذي يساعدنا لتحقيق الفضيلة
المرض مثلًا لا يؤدي للرذيلة , لكنه أمر غير مرغوب لأنه يدمّر الذات , الأمر الذي يخالف مبدا الحفاظ على الذات
كما أعلن زينون أن المشاعر السلبية , إنما هي ترجمة لحيرة الذهن ، ويبغضها العقل كما أنها تنافي الطبيعة
حتى لو كانت المشاعر أمرٌ بشريّ , إلّا إنّها دليل على سوء الفهم , بإمكاننا تخطّيها بتفهّمنا لطبيعة الحياة
يمكننا تخطيّ الحزن الذي يعقُب فقداننا لعزيزٍ لدينا , يمكننا تجاوزه بإدراكنا أن الموت جزء أصيل من الحياة
تعرّضنا للإحباط من قِبل والدين سيئَين يمكننا تخطّيه بإدراكنا لحقيقة عدم وجود من يلقّب بالوالد الصالح
ندرك أن كل تلك المحن تحدث وِفقًا لقوانين الطبيعة و التي هي أصلًا منطقيّة
بالنسبة لوفاة زينون , فلا يوجد إتفاق في الرأي بشأنه , مصادر مختلفة تروي روايات متنوعة
كما يصعب معرفة أفكار زينون على وجه الدقّة , فلم يصلنا من أعماله شيء
يزعُم البعض أن إسهاماته للفلسفة الرواقيّة كما نعرفها بالغة الأثر
بينما يعتقد البعض أن الفلاسفة الآخرون من أمثال كليانتيس و كريسبوس هم المسؤولون عن تطور الحقيقي للرواقية
و أن دور زينون كمؤسس يعتبر دورٌ رمزيّ
ومع ذلك , يظل زينون شخصيّة فارقة في تاريخ الرواقية
"قناة الوحيد"
شكرًا للمشاهدة